کد مطلب:18112 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:252

السبق فی العلم
و من مظاهر الاصطفاء سبق علیّ علیه السلام لكلّ من عاصره من الصحابة و غیرهم فی العلم، فلقد أودع رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله علیّاً علیه السلام سنَّتَه كاملةً و كان أعلم الناس بها، كما فی حدیث عائشة [1] ، و علّمه ألف بابٍ من العلم، یُفتح له من كل باب ألف باب [2] ، و كان یخصّه بمفاهیم الرسالة و خصائصها، و یختلی به و یناجیه لساعات طویلة من اللیل و النهار، فكان له من رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله مدخلان: مدخل باللیل و مدخل بالنهار [3] ، ویأتیه كل سحر و كلّ غداة [4] ، و كان علیه السلام یقول: «إذا سألت رسول اللّه أبنأنی ـ أو أعطانی ـ و إذا سكّت



[ صفحه 81]



ابتد أنی» [5] .

و فی كلّ ذلك كان صلّی اللّه علیه و آله یمارس دور الاعداد الفكری و القیادی لأمیر المؤمنین علیه السلام، و یبلغ أصحابه فی هذا الاتجاه، حیث قال صلّی اللّه علیه و آله: «أنا مدینة العلم و علی بابها، فمن أراد المدینة فلیأت الباب». [6] .

و قال صلّی اللّه علیه و آله: «قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فاُعطی علی تسعة أجزاء، و الناس جزءاً واحداً». [7] .

و قال ابن عباس رضی اللّه عنه: و اللّه لقد اُعطی علی بن أبی طالب تسعة أعشار العلم، و أیم اللّه لقد شارككم فی العشر العاشر. [8] .

و من هنا تمیّز من بین الصحابة بقوله علیه السلام علی المنبر: «سلونی قبل أن تفقدونی، فلأنا بطرق السماء أعلم منی بطرق الأرض» [9] قال سعید بن المسیب و ابن شبرمة وغیرهما: لم یكن أحد من أصحاب النبی صلّی اللّه علیه و آله یقول سلونی إلّا علی [10] ، و ذلك لأنه لا یجترئ علی هذه الدعوی إلّا من یثق بنفسه بأن عنده



[ صفحه 82]



جواباً لكلّ ما یُسأل عنه، و فی ذلك كفایة فی الدلالة علی سبقة و أرجحیّته فی العلم.

و من هنا أیضاً صار علی علیه السلام ملجأً و مفزعاً لكل من یعضل علیه شیء من شؤون العلم، و لم یرجع هو و لا مرة واحدة الی أحدٍ منهم، حتی أن عمر قال: لا أبقانی اللّه لمعضلة لیس لها أبو الحسن. و قال: لو لا علی لهلك عمر. [11]

قال العقاد: كانت فتاواه مرجعاً للخلفاء و الصحابة فی عهود أبی بكر و عمر و عثمان، و ندرت مسألة من مسائل الشریعة لم یكن له رأی فیها یُؤخذ به، أو تنهض له الحجة بین أفضل الآراء، الی أن قال: و قیل لا بن عباس: أین علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر الی البحر المحیط [12] .


[1] الصواعق المحرقة: 127.

[2] ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 485 / 1012.

[3] مسند أحمد 1: 80، سنن ابن ماجة 2: 1222 / 3708.

[4] مسند أحمد 1: 85 وو 107.

[5] مستدرك الحاكم 3: 125 و صححه علي شرط الشيخين: الصواعق المحرقة: 123، ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 2: 486 / 1013.

[6] المستدرك / الحاكم 3: 126 و 127 و صححه، جامع الأصول 9: 473 / 6489، الصواعق المحرقة: 122، اُسد الغابة 4: 22، تاريخ بغداد / الخطيب 11: 49 و 50 ـ مطبعة السعادة ـ مصر ـ 1349 هـ، البداية و النهاية 7: 372 و غيرها كثير.

[7] حلية الأولياء 1: 68، مناقب ابن المغازلي: 287 / 328، كنز العمال 11: 615 / 32982.

[8] الاستيعاب بهامش الإصابة / ابن عبدالبر 3: 40 ـ مكتب السعادة بمصر.

[9] نهج البلاغة / تحقيق صبحي الصالح: الخطبة (189).

[10] الصواعق المحرقة: 127، شرح ابن أبي الحديد 7: 46، ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق 3: 31 / 1054.

[11] الاستيعاب / ابن عبدالبر 3: 39 بهامش الاصابة، الاصابة / ابن حجر 2: 509 ـ مكتب السعادة بمصر، اُسد الغابة 4: 23.

[12] عبقرية الإمام علي عليه السلام: 47 ـ دار الكتاب ـ ط 1.